أطباق أوروبية وعادات شرقية
سراييفو: عبد الباقي خليفة
تتميز الكثير من المطاعم وأماكن إعداد الطعام في البلقان بمطابخها الشرقية وبطعمها ومذاق توابلها وبهاراتها وألوانها المختلفة وأصنافها المتعددة. وتبرز في الحياة اليومية أكلات معينة أكثر من غيرها، ومنها أكلات رئيسية لا يمكن الاستغناء عنها في كل الأوقات، مثل أكلة: «البيتا»، «الشعبية»، «البورا»، وهي أشبه ما تكون بالسويق أو العصيدة في بعض البلدان العربية، ولكنها كثيرة المياه مما يجعلها أقرب للشربة من أي شيء آخر، وهي مفيدة خاصة لكبار السن ومن يشتكون من عسر الهضم أو الامساك.
وعند الحديث عن الأكلات البلقانية، لا يمكن إغفال الشوربة التي يبدأ بها البلقانيون أطباق موائدهم، والشوربة في البلقان ثلاثة أنوع، منها شوربة الخضار، ويسمونها «فيشي غراتسكي» نسبة إلى مدينة فيشي غراد في شرق البوسنة، أو شوربة اللحم، ويطلقون عليها اسم «تاليتشي شوربة»، و«شوربة البيه»، ويطلقون عليها «بيغوفا»، وهي أكثر أنواع الشوربة استحسانا من قبل الضيوف والسكان المحليين، ويتم إعدادها من الدقيق ولحم الدجاج وبعض التوابل والبيض. وتتنوع السلطات بتنوع الوضع الاجتماعي، فسلطات المايونيز والخضار على سبيل المثال، قليلة الانتشار، وتكاد تقتصر على المطاعم التي يرتادها الأجانب، أما داخل المطاعم الشعبية ومنازل السكان فلا يوجد سوى نوعين من السلطات، هي سلطة الملفوف، مع قليل من الخيار والطماطم، وأحيانا بدون ذلك، وسلطة الخضار مع الجبن، حيث تقطع الطماطم والخيار والبصل والفلفل قطع صغيرة ويوضع عليها الجبن.
واستخدام زيت الزيتون يكاد يكون منعدما في البلقان سواء في المطاعم على اختلاف درجاتها أو المطابخ الشعبية، وذلك يعود لسببين، الأول ضيق ذات اليد، وغلاء زيت الزيتون المستورد من الخارج، سواء من ايطاليا أو اسبانيا، والثاني غياب ذلك في الموروث الثقافي البلقاني وتحديدا في موروث الطعام، وتقاليد المطبخ المحلي. وفي السنوات الأخيرة أدخل عرب المغرب العربي إلى المنطقة سلطة جديدة هي سلطة الخس مع الطماطم والخيار والتونا، لكنها لم تنتشر بالقدر الكافي بين السكان.
ومن الأطعمة البلقانية نجد، أكلة يطلق عليها «رولوفاني تاليتشي أفريزاك»، وهي قطعة لحم بقري تلف على قطع صغيرة من اللحم المجفف المنتشر بكثرة في البلقان، ثم تغمس في البيض ومن ثم الدقيق الخشن قبل نقعها في الزيت الساخن لقليها، ثم تقدم مع السبانخ والبطاطس المقلي والسلطة. ولا تختلف أكلة يطلق عليها البلقانيون، «تاليتشي ناتور سنيتشلا» عن سابقتها، فهي قطعة لحم تغمس في البيض والدقيق الخشن ثم تقلى في الزيت وتقدم مع السلطة. ويمكن جعل لحم الدجاج أو السمك مكان اللحم البقري للحصول على أكلة جديدة يطلق عليها «بيليتشي فيليتي» إذا كانت من الدجاج أو «ريبريسكي فيليتي»، إذا كانت من السمك. أما الأكلات التي تتطابق مع المطبخ الشرقي أو أخذت عنه، فهي «الصرمة» البلقانية، التي تختلف عن «الصرمة» الشامية والمصرية، أو ما اصطلح على تسميتها بذلك الأسم، إذ أن «الصرمة» في البلقان، أكلة شهية تتكون من الارز واللحم المفروم، يتم لفهما داخل قطع الملفوف مع البهارات ثم تطبخ على نار هادئة إلى أن ينضج الطعام. وعملية لف الارز واللحم المفروم تتم كما هو الحال في كثير من البلدان العربية بورق العنب أيضا، أو وضعهما داخل قطع القرع أو ما يطلق عليه الكوسا أو الفلفل والبصل والطماطم وما شابه ذلك، ويطلق البلقانيون على ذلك اسم «سغان دولما»، وهي من أكثر الأكلات التي تعد وتقدم في رمضان. ومن أشهى الأكلات التي تقدم في رمضان أيضا «الكليبا»، وتصنع من العجين الذي يحضر جيدا ثم يقطع قطعا صغيرة، ثم توضع فيه قطع اللحم المفروم مع البهارات، ثم يغلق ويوضع على النار لطهيه، وعند تقديمه يوضع عليه الجبن أو اليوغورت أو ما يطلق عليه في السعودية، ودول الخليج وبعض الدول العربية، الزبادي. وإذا أضيف بعض الغلال إلى حشوة العجين تصبح الأكلة «ماسلانيتسا»، وهناك أكلات أخرى تصنع بالخضار والبيض واللحم المجفف، فتكون «تشيمبور زا ميسو»، «حينا»، «تشيمبور زا زيلينو»، «حينا آخر»، وهي من الأكلات التي تقدم في المناسبات أيضا.